حكومة تتلطّى خلف "جدار العار"

في اليوم الثالث والثلاثين على التكليف، وبعد مخاض عسير، وصراع محتدم بين قوى الثامن من آذار، تمحور حول إصرار جبران باسيل على الثلث ‏المعطِّل، والحزب "القومي" على التمثّل على أساس طائفي معيّن، وسليمان فرنجية على وزيرين، وطلال ‏أرسلان على وزيرين للدروز. تلك التحاصصات الطائفية والسياسية كادت أن تطيح باحتمالات التأليف نهاراً ولا سيما بعد إعلان رئيس تيار المردة فرنجية أنه خارج الحكومة مانحاً إيّاها ثقته، محمِّلاً باسيل مسؤولية عرقلتها، إلاّ أن الاتصالات المكثّفة بين فرقاء البيت الواحد نجحت مساعيها ونال الجميع ما أرادوا، إلّا "القومي" الذي فضّل الانسحاب.

Image

صمت سياسي على الجبهات المتناقضة

أمام المشهد السّاخن في الشارع اليوم، وصخبه، هناك صمت سياسيٌّ واضح. صمتٌ من جهة مؤسسات جهاز الدولة والأحزاب السياسية في ما يتعلق بالمخرج من الأزمة السياسية - الاقتصادية القائمة. وهناك صمتٌ سياسي من جهة الحركة الشعبية نفسها. ونقصد بالصمت السياسي تلك القدرة على طرح "المبادرات" السياسية العملية التي تحدّد خطوات الخروج من الأزمة.

Image

الانتفاضة: الانتظام والتنسيق والاستعداد للمواجهة

"من الآن وصاعداً سيحكم المصرفيون" إثر ثورة تموز 1830 في فرنسا، يُنقل عن أحد المصرفيين الفرنسيين قوله "من الآن وصاعداً سيحكم المصرفيون" (ماركس وآنجلز، 1895). يمكن أن نتخيّل أصحاب المصارف والرساميل يردّدون هذه الجملة ويعلنون انطلاق حكمهم في لبنان سنة 1992. عهد المصارف وهيمنة الريع هو العهد الوحيد الحقيقي الذي شهدته الجمهورية اللبنانية الثانية. هو الثابت على مرّ المتحوّلات والمتغيّرات على مرّ عقدين ونصف.

Image

القمع السلطوي ليس علاجاً للفقر والانهيار

ها قد مضى حوالي مائة يوم على اندلاع الانتفاضة الشعبية، والسلطة ما زالت تماطل وتتحايل على الناس، غارقة في تحاصصاتها ومعايير نظامها الطائفي. كما مضى ثلاثة أشهر تقريباً على استقالة حكومة سعد الحريري تحت ضغط الشارع، واصلت خلالها الأطراف السلطوية هدر الوقت في تشكيل الحكومة دون طرح لأي برنامج إنقاذي.

Image

على ضوء النظرة اللينينيّة... ما الوضع في لبنان؟ وإلى أين؟

منذ حوالى ثلاثة أشهر، وأطراف الطبقة السائدة يتلهّون ويتشاطرون على بعضهم البعض في خداع مزدوج الهدف. من جهة أولى، يخادعون أنفسهم بأنهم قادرون على إعادة توازن المحاصصة بين بعضهم البعض، وهم بذلك يتوهّمون بقدرتهم على المحافظة على النظام السياسي اللبناني وإنقاذه من سكرة موته. ومن جهة أخرى، يخادعون الجماهير الشعبية اللبنانية بقدرتهم على الخروج من الانهيار الأخير للنظام، وبإيجاد الحلول للمشكلات التي تعانيها هذه الجماهير، وتلبية مطالبها.

Image

السلطة الحاكمة بأمر النيوليبرالية

إنّ ما يفوق الماضي نفسَه أهميةً هو تأثيره على المواقف في الحاضر. إذا غاب عن نظرنا أو تجاهلنا السياق التاريخي مثلاً لرواية ما يدور فلكها في حقبة تاريخية، وركّزنا فقط على التناسق بين أدوار أبطال الرواية في ظل تلك الحقبة المعيّنة، فستفوتنا رابطة جوهرية بين هذه الرواية والفهم التاريخي لها، حيث تتشابك الرواية وإطارها التاريخي المشهدي الواقعي. وإذا أردنا الحديث عن السلطة الحاكمة في لبنان، سنتطرّق في طبيعة الحال إلى السلطة السياسية وسلطة رأس المال، وعلينا أيضاً إدراك أنّ التماهي بين سلطة رأس المال والسياسة تزايد مع تحوّل لبنان من الاقتصاد الليبرالي إلى الاقتصاد النيوليبرالي.

Image
الصفحة 22 من 36