حكومة "الترهل" تتهاوى أمام "فجور الفساد" وتحديات "اليوروبوندز" و"الكورونا"

لم ينتظر اللبنانيون المنتفضون في الساحات للشهر الخامس على التوالي، من حكومة لم يمنحوها الثقة أصلاً، التصريح الذي سمعوه على لسان رئيسها حسان دياب أمام أعضاء السلك القنصلي في السرايا الحكومية في الثاني من آذار الجاري، معرباً عن أسفه لأن "الدولة اليوم لم تعد في ظل وضعها القائم قادرة على حماية اللبنانيين. وهي في مرحلة ترهّل إلى حدّ العجز. والوطن يمرّ بحالة عصيبة جداً. واللبنانيون قلقون على حاضرهم ومستقبلهم، والخوف يتمدد من الوضع المالي إلى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وصولاً إلى الهموم الصحية الداهمة... وبكل شفافية فقدت هذه الدولة ثقة اللبنانيين بها".

Image

بين سلطة "قنص العيون" و"نوائب" الأمّة: حكومة فاقدة للشّرعية

لم يكُن ما حدث أمام مجلس النّواب جديداً، ولا مشهداً غير مألوف في ساحات وسط بيروت. ليس جديداً على سلطة "قنص العيون" أن ترمي هذه الكمّيات من الغاز المسيّل للدّموع، ولا غريباً أن تتعامل بهذا العنف المفرط مع المتظاهرين السلميين، أو حتّى "المشاغبين" و"المندسّين" كما تطلق عليهم أبواق السّلطة التسمية.

Image

الانتفاضة وترابط المواجهة الوطنية والاجتماعية

ليس بوسع أيّ عاقل الوقوف ضدّ الانتفاضة الشعبية غير المسبوقة، التي شكّلت ردّاً طبيعياً على أزمات وفساد وانهيار غير مسبوق أيضاً. حتى أنّ كل أطراف الطبقة السلطوية وزعمائها، في السلطة والمعارضة، لم يستطيعوا إلّا اعتبار الحقوق والمطالب التي ترفعها الانتفاضة محقّة، وأنّهم مع مشروعيتها ولو كلامياً. وعديدون منهم، حتى في مواقع سلطوية عليا، يصرّحون بأنّ للانتفاضة أهمية أخرى، تعزز موقع دعاة الإصلاح داخل السلطة، وتتيح لهم التغلب على عقبات ومواقف داخلها، كانت تعرقل الإصلاح المنشود.

Image

حكومة تتلطّى خلف "جدار العار"

في اليوم الثالث والثلاثين على التكليف، وبعد مخاض عسير، وصراع محتدم بين قوى الثامن من آذار، تمحور حول إصرار جبران باسيل على الثلث ‏المعطِّل، والحزب "القومي" على التمثّل على أساس طائفي معيّن، وسليمان فرنجية على وزيرين، وطلال ‏أرسلان على وزيرين للدروز. تلك التحاصصات الطائفية والسياسية كادت أن تطيح باحتمالات التأليف نهاراً ولا سيما بعد إعلان رئيس تيار المردة فرنجية أنه خارج الحكومة مانحاً إيّاها ثقته، محمِّلاً باسيل مسؤولية عرقلتها، إلاّ أن الاتصالات المكثّفة بين فرقاء البيت الواحد نجحت مساعيها ونال الجميع ما أرادوا، إلّا "القومي" الذي فضّل الانسحاب.

Image

صمت سياسي على الجبهات المتناقضة

أمام المشهد السّاخن في الشارع اليوم، وصخبه، هناك صمت سياسيٌّ واضح. صمتٌ من جهة مؤسسات جهاز الدولة والأحزاب السياسية في ما يتعلق بالمخرج من الأزمة السياسية - الاقتصادية القائمة. وهناك صمتٌ سياسي من جهة الحركة الشعبية نفسها. ونقصد بالصمت السياسي تلك القدرة على طرح "المبادرات" السياسية العملية التي تحدّد خطوات الخروج من الأزمة.

Image

الانتفاضة: الانتظام والتنسيق والاستعداد للمواجهة

"من الآن وصاعداً سيحكم المصرفيون" إثر ثورة تموز 1830 في فرنسا، يُنقل عن أحد المصرفيين الفرنسيين قوله "من الآن وصاعداً سيحكم المصرفيون" (ماركس وآنجلز، 1895). يمكن أن نتخيّل أصحاب المصارف والرساميل يردّدون هذه الجملة ويعلنون انطلاق حكمهم في لبنان سنة 1992. عهد المصارف وهيمنة الريع هو العهد الوحيد الحقيقي الذي شهدته الجمهورية اللبنانية الثانية. هو الثابت على مرّ المتحوّلات والمتغيّرات على مرّ عقدين ونصف.

Image
الصفحة 23 من 37