الثقافة والثورة
سيّداً في ملكوت الكلام، عالمياً متعالياً، بالتأمّل يحيا، وللتأمّل. هكذا كان الفكر، على امتداد قرون خلت، في انفصام مع الواقع، له الثبات المطلق، وللتاريخ المادي التغّير والحركة.كان يحلو له بين حين وحين، أن يطُلَّ من علياء تجريده على الواقع، فيدينه تارة، وغالباً ما يعذره. لكنهّ من خارج كان يحكم، وما كان يقوى عليه. وكان، حين يتوق إلى واقع آخر، أو أفضل، يحكم، أو يتخيّل، أعني يتأوّل. وما كان يرتبط بقوى التغيير الثوري حين كان يطمح إليه. وما كان يدرك شروط هذا التغيير وأدواته. لذا، كان يجنح نحو الطوباوية، في أشكال شتّى، فيقدّم للواقع ذريعة بقاء وحجة تأبُّد.