فكرتُ كثيرًا قبل كتابة هذه المقالة، وأنا المنقطع منذ فترة عن الكتابة لظروفٍ شخصية، أعترف أن الإحباط أحدُها.
من حقِّ القارئ أن يتساءل عن سبب هذا الإحباط، ومن حقِّه أيضًا أن يتلقى إجابةً واضحة، إن وُجدت... فلا أخفي عنه أنني أجهل سببَ إحباطي، أميل إلى التفكير أحيانًا أنني محبطٌ من الإحباطِ نفسه.
موقف الحزب الشيوعي التركي من الكفاح المسلح الذي يخوضه حزب العمال الكردستاني (PKK) واضح تمامًا. فهذا الصراع يؤدي إلى تقسيم الطبقة العاملة، وحصر الشعب الكردي في إطار قومي وليبرالي، وتطبيع التعاون مع الولايات المتحدة وإسرائيل، وتوفير مبررات لتدخل القوى الإمبريالية في المنطقة، فضلًا عن إعطاء ذريعة للأنظمة القمعية لممارسة سياسات عنيفة ضد السكان المدنيين.
يمثل أكراد سوريا فئة أساسية من المجتمع الذي يعيش محطة تغيير تاريخية بعد سقوط النظام الذي دام حكمه ما يقارب ال 50 عاما. ولطالما كان الاكراد يعانون من قمع نظام حزب البعث بحيث قام حرمان الكثير منهم من حقهم بالحصول على الجنسية السورية، حيث فقدوا كل حقوقهم الأساسية من هوية، صحة، تعليم وعمل.
حسمت غرفة العمليات الغربية المشتركة قرارها بعد قراءة متغيرات الداخل السوري، وفيض هريان النظام البعثي ومؤسساته، وضعف الرافعتان: الإقليمية إيران، والدولية روسيا. وصدر الأمر في ليلة 27 تشرين الثاني بالهجوم الخاطف من إدلب. لتشهد سوريا زلزالاً أطاح بقوته النظام الاستبدادي من دون صدامات تذكر، ودماء تهدر. وازاح الزلزال بطريقه إيران وروسيا عن المشهد. وهروب رأس السلطة الاستبدادية إلى الخارج للنفاذ بريشه.
يلاحظ المراقب للوضع العام في سورية أن تدهور الأوضاع الاقتصادية جرى قبل دخول قانون قيصر موضع التنفيذ، في 17 حزيران/ يونيو، وذلك حين بدأ سعر صرف العملات الأجنبية مقابل الليرة السورية بالارتفاع قبل هذا التاريخ بشهرين. غير أن سريان القانون لم يبقه عند حده المرتفع فحسب، بل وفَّر المبرِّر للحكومة إذا أرادت تبرير عجزها إزاء هذا التدهور. ولذا عَمَّ الاستغراب الأوساط الشعبية عن سبب هذا التدّهور، وتساءل كثيرون إن كان الهدف منه تدريب الشعب على تبعات هذا القانون والاستعداد لتحمّل تبعاته (والصمود). وإذ أرجع كثيرون السبب للخلافات التي ظهرت بين رجل الأعمال رامي مخلوف وأركان السلطة في البلاد، إلّا أنه من المرجح أن عدم سلوك الأزمة السورية مسار الحل السياسي، كما كان مأمولاً، ربما السبب لهذا التدهور.
تسارعت الأحداث بشكل دراماتيكي في الشمال–الغربي السوري وبخاصة في منطقة إدلب، في شباط الماضي وكادت الأوضاع العسكرية أن تخرج عن السيطرة، لتتحوّل إلى حرب مفتوحة بين الجيشين السوري والتركي، يصعب رسم حدودها.