أطلق الحزب الشيوعي اللبناني مبادرته الزراعية، كدعوة للبلديات والقرى والأحياء المدينية للانضمام إلى موجة عالمية تعمل من أجل إنتاج الغذاء بشكل عادل، يحافظ على البيئة ويجعل المزارع/ـة جزءاً أساسياً من الاقتصاد المحلي.
يقدّم النظام المهيمن المعرفة بشكل ومضمون محدّدين: هي أداة جامدة تنتجها النخبة المثقفة بمضمون يكون بالضرورة لمصلحة الطبقة المهيمنة. لكن هناك ما تغيّر ولو بشكل أوليّ، منذ السابع عشر من تشرين الأوّل، خاصة على مستوى مساءلة طبيعة المعرفة التي تقدّمها الأوليغارشيا، والبحث عن معرفة بديلة.
منذ انطلاقة هذه الانتفاضة، استحال إيجاد قيادة موحّدة مركزيّة لها عند كل التنظيمات والأحزاب والمجموعات السياسية. لكن غياب القيادة المنتخبة لم يعنِ غياب قيادة فعلية للنساء، في تغطية الانتفاضة إعلامياً وتوجيه التحركات والقرارات وفي التنظيم وتوثيق الانتفاضة ويومياتها. نحن عصب الانتفاضة نقول، لأننا أكثر من يستغّله النظام.
في السادس من الشهر الجاري، غادرتنا نادين جوني، الصبية التي عرفناها في كلّ مظاهرة وتحرّك ضدّ النظام الذي ينهبنا، والنسوية التي عرفتها الأمهات والنساء في لبنان والمنطقة، مدافعة شرسة عن النساء وحقوقهنّ، لا تهاب نظاماً ولا سلطة. كلّ ذلك، ونادين لم تبلغ سوى التاسعة والعشرين.
لكن الحدث الوحيد الذي أذكره من خلاله هو حين استشهد هيثم دباجة من بيت جبيل سنة 1995 (على ما أعتقد). فقد عشت تجربة سماعه يلفظ أنفاسه الأخيرة عبر الجدران.
كنت يومها في السجن الانفرادي في القسم النسائي وهو كان في سجن رقم 4، وبدأ يصرخ نتيجة الألم بسبب مرضه. فراح السجن بكامل معتقليه يصرخ طلباً لممرّض. وما كان حينها من الشرطي إلّا ان يردّ عليه قائلاً: سدّ بوزك يا كلب.
"قتلت إسراء الغريب على يد أهلها"، نقطة. هذا هو الخبر، هكذا يجب أن يكون. لا كلمات توضع بعد هذه، ولا تبرير. منظومة متكاملة من اللوم، من التهديد، من القتل، وأخيراً من مساءلة ماذا كانت فعلت لتقتل، وما سبب قتلها. اليوم تُقتل النساء، تُقتل إسراء، لا لأنها فعلت أي شيء، بل لأنها امرأة، لأن المنظومة بكاملها تقول بأن القانون لا يسري على قتل النساء، لأننا نسأل عن ذنبها هي كلّما قتلت امرأة.