مطحنة الوجود
مطحنة الوجودأحمد وهبي ... مطحنةٌ وجوديّة، ندور في رحى اعتمالاتها؛ فلا تُبقي ولا تذَرُ بمسميّات الدُّنيا، وهي أثقلُ من خطىً في مهبِّ الجدل العبثيّ. لكن، للوجع أوجهٌ حمّالةُ إشتباهٍ واعتقالات. ثمة وجوهٌ طلَعت إلى الشّمس ضدَّ طبقة الطغاة والفساد وتقاسمهم للمقدّرات والسلطة، السلطة الخارجة على الناس. السلطة، تلك الثقوب السوداء الدائرة في أنبوب المجاري "الوطني"، أنبوب يحتشي كلَّ ما يُنسَبُ للحياة. مجتمعاتٌ تتبدّى انفصاماً قهرياً بلا طائل، تعيش انعدامها عن سابق إصرارٍ وترصّد، وبلمحة بصرٍ كاشفة، تتحوّل وسائط التواصل إلى شبكات دعارة فكرية، تُطبّل وتزمّر لطويل العمر... كلُ في حظيرته على رأس قطعانه، كأنّهم التوأم السيامي لأولاء... رعاة الكفرِ الرفضِ القتلِ للعقل، للروح في الداخل والخارج على حدّ سواء، ولا حدودَ أخلاقية لهذا الفيروس المدمّر. تعاليم عصرية على نهج التلمود. وأقول، نحن الشعوب الحُرّة الأبيّة من روح الأرض الطيّبةِ وملحها، من جرحها الطويل الشجن، نذهبُ فيه إلينا لنقبضَ على الأنواء والعواصف، بخطىً تكاد أسرع من الضوء، وفوق الظهور حُكّامُ العصرِ المتأسرلون، يسابقون رؤوسهم تسخيراً وغطرسةً وفجورا. أقنعةُ الغربان تتوالى سقوطاً، انكشافاً لأدوارٍ تقارب قرناً من الزّمن، زمنٌ بانت فيه قرون الخزيِّ والعار، وقد عاثوا فينا قتلاً وفساداً باسم القضية المركزية - فلسطين. نحن، الذين ولِدنا في ظلمة النُظُم، صرخنا لأجل الإنسان، لأجلنا، تناثرنا برعشات الدّماء والفجر، بأجنحة الرموش، التي فراشاتها عيوننا، جيناتنا من أرواح الأرض ورحمها، ثائرون ضدَّ الاستبداد، ضدَّ القادمين من اللامكان، من بدعة المِحرقة والأسطورة، تمنحُنا الأرض إرادةَ الحياة، التي، تتوق مخيلتي لرؤاها، لأسفاري القديمة في الأساطير، لتلك الأغاني في العمر، ربّما لصلاة، لطلوع الفجر، لامرإةٍ بطعم الحياة، أجهلها، لا تفارق مخيلتي...