من سلسلة جرائم السلطة: ذبح الجامعة اللبنانية

لا يشفع للجامعة اللبنانية أنّها تأوي وتربّي وتدرّب وتعلّم 85 ألف طالب من مختلف المناطق والانتماءات اللبنانية، خاصة من ذوي الدخل المحدود. لا بل قد يكون ذلك هو ذنبها وإثمها بالنسبة لعصابة أهل السلطة الممسكة بالبلاد والعباد.

فمع انهيار سعر الصرف صار متوسط دخل الأستاذ المتفرّغ فيها حوالي 150$ (وفق سعر صرف منتصف كانون الثاني 2022)، فيما لا ينال المتعاقد سوى حوالي 60$ شهرياً تدفع له مرة واحدة بعد عام من استحقاقها. أمام هذا الواقع المأساوي اختار المتعاقدون طريق الاضراب المفتوح مطالبين بالتفرغ، من دون أن تكون لديهم أوهام كبيرة حول موضوع تصحيح الدخل، إذ جلّ ما اشترطوه هو دخولهم جنة المعاش الشهري الثابت الذي يزيد فقط 90$ دولاراً عن مدخولهم الحالي. 

لكنّ هذه السلطة العجائبيّة البائسة التي لا يهمّ أطرافها اليوم سوى الذود عن مصالح المصارف وتصفية حسابات المودعين بالفتات وضمان سلامة رياض سلامة وعزل القاضي البيطار وتنظيم حفلات الزجل والسباب المذهبي أهملت مطالبهم على تواضعها، لا بل جاهرت في رفضها ونكء جراح المتعاقدين واستفزازهم عبر الترغيب والترهيب الذي تمارسه رئاسة الجامعة والقوى الحاضنة لها.

وأمام بأس السلطة وبؤسها يكاد يضيع العام الدراسي كاملاً في ظل استحالة العودة الى التدريس تحت الظروف الحالكة الحالية هذه. 

إنّ كلفة هذه المطالب المحقّة والطبيعية بتفريغ حوالي 1200 أستاذ مستحق من المتعاقدين لن تكلّف الموازنة العامة سوى مبلغ زهيد وقدره 40 مليار ليرة سنوياً فقط لا غير أو 1.3 مليون دولار وفق سعر الصرف الحالي. فأي حكومة ومجلس ورئاسات وقيادات تفرّط بمصير 85 ألف طالب وطالبة سوى سلطة مستبدّة ومستغلّة وحاقدة إلى حدود الإجرام؟

هي جريمة اجتماعية وتربوية مطنطنة، يتحمّلها مجرمو عصابات السلطة المستبدون بالناس ومصائرهم وحيواتهم. هي جريمة من سلسلة جرائم عصابة أهل الحكم متضامنين متكافلين.