جنود المطبعة المجهولون
لم يكن ممكنا للـ "النداء" أن تصل إلى أيدي قرّائها لولا جهود الخطاطين والعمال في المطبعة. هنا لفتة متواضعة لبعض من ساهم في صدور الجريدة.
في البلد الذي لا يخلو من المتاعب، تتشكل أرض خصبة للعمل السياسي والصحافي. وحيث تحل المتاعب، لا بد أن تظهر كوادر تغييرية، وكان لجريدة "النداء" أن تكون الملجأ لتلك الكوادر.
جدليّة العلاقة مع النداء غنية جدًا وممتعة في آن واحد، فقد نُسجت قبل عشرات السنين أمنيًا، في نهايات الحرب الأهلية بالتوازي مع انتصارات صنعتها بطولات مناضلي جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية. كان ذلك تحديدًا بين عامي ١٩٨٦ و١٩٨٨، حيث شاركْتُ مع رفاق كثر بينهم الرفيق أنور ياسين في حراسة مبنى الجريدة في الوتوات عندما كانت بيروت تشهد حروبًا صغيرة متنقلة وتخضع شوارعها لقوى أمر واقع متعددة.
لم يكن سهيل عبود "نجماً" معروفاً في عالم الصّحافة، لكنّه كان سلساً وحقيقيّاً وصادقاً ومتواضعاً... رحل في يوم 9 تموز عام 2011 في الكويت إثر أزمة قلبية، عن عمر ناهز الـ 58 عاماً. عاش حياته متنقلاً بين قريته جاج في جبيل وبيروت والكويت، زاهداً بالمراكز والسلطة والأضواء.
استغرقني العمل في جريدة "النداء" عمراً. كان البدايات التأسيسية لما سأكونه ويكونه آخرون في سنوات وعقود مقبلة. كان ابو وضاح، يوسف خطار الحلو، أول الصحافيين وأقدم الذين التقيتهم في مكاتب "النداء"،
وانت تتجه لإتمام مقابلة قد تبدو روتينية، ينتابك شعور من الدهشة ممزوج برهبة من الصعب كسرها، في تلك اللحظة تشعر بصعوبة وفرادة المهمة؛ محاورة احد أبرز مسؤولي ومفكري الحزب الشيوعي اللبناني في القرن المنصرم.