هذا هو الهدف، فلنحسن التصويب

لبنان في عين العاصفة. يتعرض من الخارج لضغوطات اقتصادية ومالية كبيرة تشبه الحصار، وهي تتزامن وتتكامل مع الحصار المفروض على سوريا وإيران من أميركا والغرب وأدواتهم في المنطقة؛ إن تلك العقوبات المفروضة على سوريا، تهدف إلى إخضاعها وتحقيق مكتسبات لم تستطع الحصول عليها من خلال حروبها المدمرة على هذا البلد. وفي هذا السياق، لا يمكن قراءة الضغوط على لبنان إلّا في السياق نفسه، لاستكمال هذا الحصار بتضييق الخناق على حزب الله عبر الضغط على لبنان ماليّاً واقتصاديّاً. ألم يقل بومبيو، خلال زيارته الأخيرة إلى لبنان، بأن لا فرق بين الدولة اللبنانية وحزب الله الذي أصبح يسيطر عليها، حسب زعمه، وأن على الشعب اللبناني أن يختار بين "الاستقرار والرفاهية" و حزب الله؟

إن استهداف لبنان، اقتصاديّاً وماليّاً، يحقّق بالإضافة إلى الأهداف الأميركية التي ذكرناها، هدفاً للكيان الصهيوني بإضعاف قوى المقاومة بشكلٍ عام وحزب الله بشكلٍ خاص تسهيلاً لضربها. وتأتي تهديدات العدو، خصوصاً بعد إعادة انتخاب نتنياهو، في سياق هذه الضغوط المتزايدة تحضيراً لضربةٍ محتملة تمهّد لما يُسمّى "صفقة القرن"، حيث تشكّل قوى المقاومة، اليوم، عقبة في طريق تحقيقها.

 ألا تتقاطع التدابير والإجراءات التي يبشر بها بعض أطراف السلطة من طروحات تخفيض الرواتب والأجور وغيرها من تدابير تطال الطبقة العاملة وذوي الدخل المحدود مع تهديدات بومبيو في زعزعة الاستقرار والنيل من "رفاهية" اللبنانيين؟

تشكّل المصارف رأس حربةٍ في تنفيذ هذه الضغوط، وهي قامت عبر تاريخها الطويل بالدور الكبير في رسم السياسات الاقتصادية وفي تراكم الدين العام وتكوين الثروات الهائلة، مما فاقم الأزمات الاجتماعية التي دفعت ثمنها، ولاتزال، الطبقات الوسطى والفقيرة. أما اليوم، فإن دورها في الضغوطات المالية على البلاد والانصياع الكامل للإملاءات الأميركية هو أكبر بكثير من المسؤولية عن الوضع الاقتصادي الذي يشارف على الانهيار. إنها مساهمة فاعلة في التآمر على الوطن والشعب لا يمكن التغاضي عنها.

بناءً على ما تقدّم، على قوى التغيير، التي تتحضر اليوم للنزول إلى الشارع دفاعاً عن حقوق الطبقات والفئات المتضررة، أن تعي طبيعة الصراع وخطورة المرحلة كي لا تشارك بشكلٍ غير مباشر في هذا الحصار آخذةً بعين الاعتبار الآتي:

• أهل السلطة ليسوا في سلةٍ واحدة. هناك من هو مستهدَف وهنالك من يُزكّي الاستهداف ويدعمه. 

• أن معركة التغيير الفعلية لا يمكن أن تحصل في ظل الهيمنة الإمبريالية التي ترسم سياساتنا الاقتصادية التي تخدم مصالحها وتسهّل سيطرتها على مقدراتنا ومواردنا وتمنعنا من الإنماء والتقدم. وأن معركة التغيير الجدية تبدأ بمواجهة مشاريع الهيمنة والاستعمار من أجل التحرر من التبعية، وهذا يشكل الأساس الصلب في عملية التغيير المنشودة. هذا هو المعنى الحقيقي لوحدة المسار بين التحرير والتغيير. 

• أن المواجهة تتطلب تنسيقاً كاملاً مع جميع القوى التي تواجه في الداخل والخارج، وهي كثيرة، كمقدمة لبناء جدّي للمقاومة العربية الشاملة. 

• يجب التركيز في الداخل على مواجهة أدوات المشروع الإمبريالي وعلى رأسهم منظومة المصارف وجمعيتها وبنكها المركزي التي تخدم هذا المشروع وتدافع عنه بكل صدق وأمانة. هذا هو العنوان المباشر، فلماذا نخطئ التصويب؟

 

  • العدد رقم: 356
`


النداء